تنظيم المشاعر لا يعني كبتها
في العلاقات القريبة، كثيرًا ما يُفهم “تنظيم المشاعر” على أنه إنكار الغضب أو إخفاء الحزن.
لكن الحقيقة أن التنظيم لا يعني التجاهل، بل الاعتراف بالمشاعر أولًا، ثم التعامل معها بطريقة لا تُفجّر العلاقة ولا تؤذي الذات.
فبدل أن تكبت مشاعرك أو تنفجر بها، يمكنك تعلّم كيفية التعبير عنها بشكل صادق وآمن.
ما الذي يجعل المشاعر غير منظمة في العلاقة؟
تحدث الفوضى العاطفية في العلاقة عندما:
-
-
-
لا نُعبّر عن مشاعرنا في وقتها المناسب
-
نستخدم اللوم أو الصمت بدلًا من الكلام
-
نُسقِط مشاعر قديمة على المواقف الجديدة
-
نتوقع من الآخر أن يفهمنا دون أن نشرح له شيئًا
هذه السلوكيات تجعل الطرف الآخر مرتبكًا، وتُفقد العلاقة توازنها.
-
-
لماذا يجب أن تحمي نفسك؟
عندما تُهمل مشاعرك أو تضع نفسك في مواقف مؤذية باستمرار، يبدأ الاستنزاف.
الاستنزاف العاطفي لا يظهر فجأة، بل يتراكم من لحظات صغيرة لا تدافع فيها عن احتياجاتك.
حماية الذات تعني أن تُحدد ما تقبله وما ترفضه، دون قسوة، ودون تخلٍ عن من تحب.
كيف تُعبّر عن مشاعرك دون إيذاء الطرف الآخر؟
ابدأ بالتدرّب على استخدام لغة واضحة وهادئة:
-
-
-
بدلًا من “أنت دائمًا تتجاهلني”، قل: “أنا بشعر بالتجاهل لما ما ترد على رسائلي.”
-
بدلًا من الانسحاب في صمت، قل: “أنا محتاج شوية وقت لحالي عشان أقدر أرتّب مشاعري.”
الهدف أن تكون صريحًا دون أن تكون جارحًا.
-
-
متى يجب أن تأخذ مسافة؟
ليس كل شعور يحتاج أن يُناقَش فورًا.
أحيانًا تكون الغيرة أو الغضب ناتجة عن تعب أو ضغط خارجي.
خذ خطوة للخلف، راقب مشاعرك، ثم قرّر:
-
-
-
هل هذا شعور لحظي؟
-
هل يستحق المواجهة الآن؟
-
هل يمكنني التعبير عنه بطريقة هادئة؟
المسافة المؤقتة أحيانًا تكون علاجًا… وليست انسحابًا.
-
-
هل يمكن أن تُحب أحدًا وتضع حدودًا له؟
نعم، بل هذا هو الحب الناضج.
أن تُخبر شريكك أو صديقك أنك تُقدّره، وفي الوقت نفسه لا تقبل أن تُعامَل بطريقة تزعجك.
الحدود لا تعني العقاب، بل الحماية: حماية العلاقة من التآكل، وحماية الذات من الانهيار.
ماذا تفعل عندما يكون الطرف الآخر غير منظم عاطفيًا؟
إذا كان من تُحب سريع الغضب، أو يستخدم التلاعب العاطفي، أو يرفض الاستماع، فعليك أن تُحافظ على هدوئك أولًا.
لا تردّ بالمثل.
بدلًا من أن تقول: “أنت درامي وما بتفهم”، قل: “أنا بحاجة نتكلّم بطريقة أهدى عشان نقدر نفهم بعض.”
إذا استمر السلوك المؤذي، ضع حدودًا واضحة، وكن حازمًا في تطبيقها.
هل من الطبيعي أن تُخطئ أحيانًا؟
نعم. تنظيم المشاعر مهارة تُكتسب بالتدريج.
قد تفشل أحيانًا في التعبير، أو تندم على ردّ فعل، أو تكتشف أنك بالغت في شعور ما.
هذا طبيعي.
اعتذر، تعلّم، وحاول في المرة القادمة أن تُراجع مشاعرك قبل أن تتصرّف.
كيف تحمي نفسك عاطفيًا دون أن تؤذي من تحب؟
1. راقب مشاعرك أولًا، ولا تُسقِطها فورًا
اسأل نفسك قبل أن تُعاتب:
هل أنا غاضب من تصرّفه؟ أم من توقع داخلي لم يتحقق؟
تحديد المشاعر بدقة يقلل من احتمال الانفجار.
2. استخدم لغة “أنا” بدلًا من “أنت”
بدلًا من: “أنت ما بتفهمني!”
قل: “أنا بشعر بالوحدة لما ما نقدر نحكي سوا.”
هذا يحمي العلاقة من الاتهامات ويفتح بابًا للتفاهم.
3. احمِ حدودك بهدوء وثبات
إذا شعرت بالإهانة أو الضغط، عبّر عن ذلك بوضوح واحترام.
“أنا بحاجة وقت أهدأ فيه، وسأكمل الحديث لما أكون مستعد.”
هذا يُعبّر عن الاحتياج دون إيذاء.
4. لا تُعاقب بالصمت أو الانسحاب المُبهم
إذا احتجت للمسافة، عبّر عنها:
“أنا محتاج أكون لوحدي شوي، مش لأنك غلطت، بس لأني مشوش.”
التنظيم لا يعني القسوة، بل الصراحة الآمنة.
5. كن مستعدًا لتفهم مشاعر الطرف الآخر
تنظيم المشاعر لا يكتمل دون تعاطف.
افهم دوافع من أمامك، حتى وإن اختلفت معه.
“أنا مش موافق مع اللي عملته، بس بحاول أفهم شو خلاك تتصرف هيك.”
خلاصة
تنظيم المشاعر لا يعني التخلّي عن الإحساس، ولا التحوّل إلى شخص بارد.
هو القدرة على حماية نفسك من الانفجار أو الاستغلال، وفي الوقت نفسه حماية الآخر من جروح لا ضرورة لها.
هي دعوة لأن تُحب بقلب صادق… وعقل يقظ.

لا تعليق